من هم بني إسرائيل؟
كثيراََ ما نقرأ في القرءان مصطلح بني إسرائيل وغالباً ما يأتي في عقولنا أن بني إسرائيل هم أتباع يعقوب حسب ما تعلمنا من التفسيرات ..
وعلى هذا نقوم بتحويل القرءان من كتاب يحادثنا باستمرار لكي نعدل سلوكياتنا نحو الأفضل إلى كتاب قصص تاريخية لأقوام أصبحوا تحت التراب من قرون كبيرة ولا نستفيد من القرءان بأي شيء!
نحرك اللسان بالنصوص دون أن نعي أن كل كلمة من القرءان موجهة لنا نحن مباشرة.
وقد يكون أي إنسان اسمه بني إسرائيل في القرءان والنص يعنيه هُوَ !
بل قد يكون بني إسرائيل هو أنت والنص يُحادثك ولكنك لا تنتبه بسبب قناعتك مثلاََ أنه مجرد كتاب قصص تاريخية يحكي عن يعقوب وأتباعه الذين هم تحت التراب..
لنقرأ بتمعن ..
من هو بني إسرائيل !
“يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ “
القرءان لا يعني الأقوام السابقة في شيء أو مَن هم تحت التراب..
فالقرءان لا يعني الأموات في شيء!
والأموات لن يستفيدوا من القرءان بشيء..
فقد انتهى اختبارهم ،
وإلا فلماذا سينزل الله كتاباََ من السماء يعني ويحادث الأموات الذين انتهى اختبارهم و لا يعنيهم الكتاب الآن في أي شيء ..
هل هذا يعقل!
القرءان للأموات
ونحن الأحياء نعتبره كتاب قصص ..
ونردد فيه فقط دون أن يعنينا في شيء!
أيُنزل الله كتاباً يحادث فيه الأموات؟!
إقرأ
“يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ “
نلاحظ أن بني إسرائيل هم من ينكرون النعمة التي أنعم الله عليهم بها..
وأن الله فضّلهم على العالمين .
– قد تظن أن بني إسرائيل هم مجموعة من البشر.
– ماذا عن أن اسلوب النداء !
أسلوب نداء من الله الذي هو نداء الآن' للحاضر' ..
لاحظ .. "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ” ..
ويخبرهم الله 'الآن' بذكر النعمة ..
” اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ “
– اِتضح الآن أن بني إسرائيل قد يكون شخصاً واحداً وقد يكون هو أنت وأنت لا تعلم ذلك.
– كل من ينكر نِعَم الله ولا يذكرها ولا يشكر الله على النعم التي أنعمها الله عليه يسمى هذا الشخص قرءانياََ : بني اسرائيل.
– مجازاََ كل إنسان ناكرٍ لِنِعم الله وعطايا الله ورزق الله وتكريم الله له وتفضيل هذا الإنسان على سائر المخلوقات وأن الله جعل الملائكة تسجد له.. وَكُلّ من يقنط من الحال والظروف ولا يتذكر أن يشكر الله على كل هذه الِنِعم.. وَكُلّ إنسان قليل الشكر ولا يتحدث بالخير ويسر الحال من كثرة النعم حوله .. يُسمى هذا الإنسان بني إسرائيل.
– كل إنسان يعسّر الأحداث ويُعقِّد الأمور ، هو كذلك يُسمى قرآنياََ بني إسرائيل ..
بني إسرائيل هو وعي العُسر والتعقيد ..
هناك في الحياة بشر على هيئة وعي وصفات بني إٍسرائيل ..
يبحثون عن المشاكل وتعقيدات الأمور بكل سهولة مثل شرب الماء ..
إن حدثت مشكلة مثلاََ في مقر العمل أو الشركة فهذا الإنسان لا يفكر في حل المشكلة حتى تسير الأمور بسلام .. بل يظل يسأل لماذا أصلا يحدث مشكلة .. إنه يرفض وقوع مُشكلة من الأساس ..
لنضرب أمثلة من القرءان نفهم بها سلوكيات وطريقة تفكير وعي بني إسرائيل ,,
هناك مثال شهير جداََ في القرءان وهو بقرة بني إٍسرائيل ..
الأمر لا يعني البقرة التي نأخذ منها اللحوم والأجبان واللبن ههههه
المولى عز وجل يضرب فقط المثل بالبقرة حتى يعلمنا كيف يعسر الناس الحياة بكل سهولة ..
حتى نعي ونتطور ونفهم أن مُراد الله وأوامره لنا سهلة وبسيطة جداََ ولكن الناس تعسر الحياة بسهولة ..
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا - بَقَرَةً -
كانت الإرادة الإلهية والغاية الإلهية فقط هي ذبح بقرة . مجرد بقرة .. أن تأتي بأي بقرة فقط وتذبحها تكون هكذا طبقت أمر الله فيك .. أي أن الكيفية متروكة لك .. اختر ما تشاء وافعل ما تشاء وفكر كيفما تريد ..المهم في الأخير ما يريده الله منك أن تذبح فقط بقرة ... إن أتيت بأي بقرة وذبحتها تكون طبقت كلام المولى عز وجل ...
– نلاحظ أن الله لم يقل ' اذبحوا ( البقرة)'...
الله لم يحدد ويعرف البقرة بألف ولام ,,
بل فقط 'اذبحوا ( بقرة )' ...
أي أنه إذا أتى بني إسرائيل بأي بقرة وذبحها فقط،
كان قد أدى بني إسرائيل مُراد الله وأمره .
– ولكن قام بني إسرائيل بتعسير الأمور ودخلوا في تفاصيل ما أرادها الله!
تعاسير كثيرة من لاشيء ..
اُنظر ولاحظ واقرأ كثرة التعاسير التي دخلوا فيها:
قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ
إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ
فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا
تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ
إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا
لَّا ذَلُولٞ
تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ
وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ
مُسَلَّمَةٞ
لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ
– لاحظ!
كان الأمر فقط 'اذبحوا بقرة' ( وانتهى الأمر ) وليس 'البقرة' ..
فلم يحدد الله بقرة بعينها لندخل في كل تلك التعقيدات والتفاصيل..
– نلاحظ مثلا في الوضوء : ماذا يريد الله في الوضوء؟
يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ..
أي أن الغاية هي التطهير..
يعني النظافة ..
أن تكون نظيفاً من الأذى.
فغسْلُ اليدين مثلا والوجه هو فقط للنظافة من العوالق والأوساخ التي قد تضرك!
أي أن الغاية هي فقط النظافة والطهارة ..
عندما يقول المولى اغسلوا وجوهكم وهكذا إلى آخر الآية ..
نأتي للكلمة الأولى .. وهي اغسلوا ..
ما الغاية من غسل الملابس وغسل الطعام والخضروات مثلاََ وغسل اليد قبل تناول الطعام ؟ التطهير من البكتيريا والفيروسات التي قد تضرك .. صح ؟
فمثلا الله عندما يأمرك بغسل الوجه واليدين والقدمين وهكذا ما الغاية ؟
مجرد التنظيف ..
وأنت أعلم بنفسك كيف تنظف العوالق والأوساخ ..
فالغسل يكون للأوساخ ..
مثلاََ بعض السيدات تسألني ماذا عن إزالة مانيكير الأظافر ..
سؤالي هل مانيكير الأظافر والأظافر الإصطناعية زينة أم أوساخ ؟
إنها زينة ليس منها مشكلة ..
بل أن المولى أخبر " خذوا زينتكم عِند كُل مسجد "..
نلاحظ الله أخبر " اغسلوا " أي للأوساخ والعوالق ..
ولكن الأنثى في وعي بني إٍسرائيل الذي يعقد الأمور ستقول أن المانيكير يمنع الماء من الوصول للأِظفر😁
انتبهي أن هذا الوعي الذي يعقد الأمور ينعكس على كل أمور حياتك ..
فكما بيَّنا مثلاََ أن الله أراد فقط الغسل للتنظيف والتطهير وأنت أعلم بنفسك كيف تنظف جسمك ..
وهنا نتذكر قول المولى عز وجل " يُريد الله بِكم الُيسر ولا يريد بكم العُسر"..
أي أن الله يريدك أن تختار اليسير عليك في كل شيء ..
ورغم هذا شقَّ الإنسان على نفسه مثلاََ في الوضوء بكثرة التفاصيل والتعقيدات التي ما أوجدها الله في كتابه!
والوضوء بسيط وسهل في الآية 6 في سورة المائدة،
ورغم هذا إذا تأملت حالك قد تجد أنك عسّرت على نفسك في حياتك أشياء كثيرة!
ويمكنك إزالة كل أشكال التعاسير تلك من خلال أن تسأل نفسك هل هذا الشيء وهذا الإختيار فيه اليُسر الذي يُريده الله أم لا ..
وسترى أنه يمكنك أن تعيش وتختار اليُسر في كل شيء ..
ملئ الله حياتك باليُسر .
نكمل ضرب الأمثال عن وعي بني إسرائيل ..
– اِقرأ التعاسير والمحرمات الكثيرة التي فرضها بني إسرائيل على نفسه رغم أن الله حللها له:
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ
– لاحظ أن الله قال 'حرّم' وليس 'حرموا'.
– لاحظ أن بني إسرائيل شخص واحد وليس قوم أو مجموعة من الناس .. 'حرّم' مفرد وليس جمع.
– لاحظ أن الله قال أنه حلل أشياء كثيرة إلا ما يُحرم الإنسان على نفسه إما بجهل منه أو باتباع الوعي الجمعي الذي يحلل ويحرم دون نص قرءاني ..
، فيحرم الإنسان على نفسه أشياء ما حرمها الله .
– لاحظ أن تلك السلوكيات متواجدة الآن بين الناس، وهي تحريم طيبات ما حرمها الله،
فالمحرمات مفصلة في القراءن فقال الله “وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ”.
كما أيضاََ أمثال الناس في وعي بني إٍسرائيل يقومون بتحريم طيبات الحياة الدنيا وزينتها من ناحية الطعام من خلال تسمية بعض نوعيات الأطعمة والمشروبات بالخبائث تحت مُسمّى الروحانية والأكل الطبيعي.. دون أي موازين تُوازِن بين متطلبات الروح والجسد ..
فكل الطعام حلال شرط أن توازن مع الإبتعاد عن الأطعمة الفاسدة المحرمة والتى حددها الله أيضاََ ..
يمكنك قراءة وعي بني إسرائيل فيما يخص تعسير وتعقيد الحياة من خلال تحريم الكثير من المأكولات والأطعمة التي هي من زينة الحياة الدنيا من هنــــــا
– اِقرأ أيضاً “كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا.
– نلاحظ أن بني إسرائيل شخص مفسد في الأرض، مثل من يلوث الهواء أو ينشر الشائعات ويعدم الأمان بين الناس أو يفرق بين الناس ويشعل الفتن .
فُهناك من لا يقومون بتطوير ذاتهم لأجل أن يرتقوا في الحياة كما أمر المولى ,,
بل فقط يقومون بلوم الحكومات والرؤساء والمُلوك ..
أن يِلوم الخارج والظروف والحال أسهل من أن يأخذ خطوة تجاه تغيير عقله ووعيه ..
كل تلك سلوكيات شخص واحد يسمى قرءانياََ : بني اسرائيل .
الخلاصة: أن بني سرائيل هو أي شخص يمارس تلك السلوكيات العسيرة يناديه الله بالإتجاه للُيسر الذي يُريده الله وبأن يعدّل من سلوكياته نحو الأفضل حتى يستمتع ويعيش بسعادة .
دمت في أتم الصحة و العافية.
عصام محمود 🌿
حقوق النشر © 2024. كل الحقوق محفوظة بواسطة مسار ويب.