المقالات

image

معنى الجاهلية الأولى

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

● الجاهلية الأولى..
الخلق الأول وهم البشر..
كثير ما نسأل أنفسنا: ما معنى الجاهلية الأولى ؟
فقال تعالى “وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ”
هل كان هناك بشر بشكل ما قبلنا؟؟
هل أول ما بدأ الإنسان الحياة على الأرض، بدأها كإنسان أم كان الإنسان شيئا آخر ثم تطور للإنسان؟

الإجابة أن الله خلق الإنسان على مرحلتين :
● المرحلة الأولى وتسمى – الجاهلية الأولى..
وهم جنس البشر وٱنقرضوا تماماََ من الوجود ولا يوجد منهم إلا حفرياتهم كآثار .

 والمرحلة الثانية جنس الإنسان وهو نحن .

المرحلة الأولى هي البشرية وتسمى الجاهلية الأولى ،
ترجع تسميتها نسبةََ لوضع تلك المرحلة،
اسم المرحلة هو وصف لها حيث اتسمت بالجهل والتخلف فكانوا جاهلية،
أي لا يحملون أي معلومات ولم يكن لديهم أي علم أو يتلقوا أي وحي من الله أو كتاب سماوي..
وعاشوا عُراة تماماََ وقتلوا وسفكوا الدماء وأفسدوا في الأرض.

 كانت تتسم مرحلة الجاهلية الأولى بعدة سمات تميزها من اسمها.

فمثلا: – الجاهلية كانت تسود فيها مرحلة الجهل فقط
ولو لاحظنا مثلا أنه عندما تطور الجنس البشري إلى مرحلة الإنسان،
كان متعلماََ، حيث أن الله علّم الإنسان في تلك المرحلة،
ولما تم خلق جنس الإنسان أسماه الله آدم..
أي أن آدم ليس اسم شخص بل هو بني الإنسان بشكلهم الحالي يسمّون آدم، أي (الجنس البشري لكن في مرحلته المتطورة الحسنى التي تسمى بني آدم أو بني الانسان)..
فنلاحظ في مرحلة التطور قال الله ( الذي خلقك فسواك فعدلك )...

المرحلة الأولى لم يكن فيها إعتدال حيث كان جسم الكائن البشري منحني مثل القرود .. حسب نظرية عالِم التاريخ الجيولوجي البريطاني الشهير داروين وحسب أبحاث علماء الحفريات والآثار ,,

وأي إنسان يتدبر كتاب الله فيما يخص تطور الإنسان سيصل لذلك أيضاَ ..
كما أن الله يشرح في كثير من آيات القرءان أنه قوَّم وعدٍّل شكل الإنسان في أحسن صورة ..
عكس المرحلة الأولى للخلق لم يكن فيها تكريم لصورة الإنسان ..

والمغزى فقط أن الله يعلمنا عبرة وعظة من خلال المقارنة بين تجربة خلق الإنسان على مرتين حتى نتعرف على مظاهر تكريم الإنسان الحالي .. من هيئة وعِلم وشكل وتقويم وإعتدال وجمال التصوير في الخلق أيضاََ ..
أي أن المرحلة الثانية هي خلق، تسوية ثم ٱعتدال وٱنتصاب جسم الإنسان في أحسن صورة ..

 – كان البشر في الجاهلية الأولى(مرحلة الخلق الأول لهم) حفاةََ عراة أي يعيشون دون أي ملابس تسترهم نسبة لأنهم الخلق الاول وتجربة أولية كما يريد المولى عز وجل ..

وكانت الأرض لم يبدأ إعمارها وتطورها من زراعة أو صناعة أو أي موارد بشرية..
بالإضافة إلى تسمية الخلق الأول بالجاهلية، فلم يكونوا يعرفون معنى الستر والتستر والخصوصية ..
ولم يتعلموا أي شيء عن تلك المسميات .

– في الجاهلية الأولى تميز البشر بالتوحش والحيوانية والجهل والإفساد في الأرض وسفك الدماء..
ففي التجربة الأولى قاموا بقتل بعضهم البعض وسفك دماء كل المخلوقات..
فمن الأسئلة الفطرية التي تأتيني من الناس هذا السؤال :
عندما أعلن الله للملائكة ” إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” فردّت الملائكة “أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ” !!
كيف عرفت الملائكة أن بني الإنسان سيفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟! وعلى أي أساس ردوا بهذا العلم أن بني الإنسان سيفسدون في الأرض ويسفكون الدماء؟!

الإجابة أن الملائكة ردت بهذا الرد بناءً على ما رأته من تجربة الجاهلية الأولى والخلق الأول ..
وهو أن بني البشر أفسدوا وسفكوا الدماء فتعجبت الملائكة أن التجربة ستتكرر مرة أخرى،
فلماذا سيكررها الله؟ فلماذا سيخلق الله نفس الجنس البشري مرة أخرى؟
لا تعرف الملائكة أن الله أراد هذا لعبرة معينة حتى يخلق التجربة الثانية وهي جنس بني آدم المتطور عن المرحلة الأولى ..

ورد الله سبحانه وتعالى على الملائكة ” إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ “ أي أنه لم تعلم الملائكة أن الله سيخلق نموذجاً متطوراً أكثر من المرحلة الأولى للبشر،
وسيتلقى هذا النموذج المتطور (بني الإنسان) علماً ووحياً وتعليماً وكلمات من الله..
أي أن بني الإنسان سيتميزون بالعلم والعمل والإصلاح والإعمار وليس الجهل والتخلف وسفك الدماء والإفساد..

بالإضافة إلى أنهم في التجربة الثانية سيتلقوْن التعليم رسمياََ من الخالق الأعظم وهو الله سبحانه وتعالى.
جنس البشر أصحاب تجربة الجاهلية الأولى انقرضوا تماماََ، وهم حفريات يتم اكتشافهم من قبل علماء الحفريات وليس لهم أي نسل أو ذرية في الكون.

- التجربة الثانية مرحلة الانسان وهم ( بني آدم ) وهم نحن الآن ..

و تتسم هذه المرحلة بأن: –
لديهم العلم والكلمات أي الوحي من الله..
“وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا”
و “فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ”
– لديهم المناهج السماوية لبيان سبب الخلق والحياة وسنن وتشريعات الخالق للعمل بها على نور وبيان وللنفع والارتقاء والتزكية.
لديهم الجسم مستوٍ ومنتصب ومعتدل عكس التجربة الأولى التي اتسم فيها البشر بالإنحناء أشبه بالحيوانات.
– الاحتشام والتعفف والحياء ، فتلقوا الكلمات من الوحي مثل ( الوقار وستر الزينة والحياء والخصوصية والمبادئ السامية والتزكية النفسية ).

 لقد اختار الله لعيش التجربة الأرضية جنس آدم الراقي الزكي المتنور بالعلم والحكمة والكلمة الربانية التي تعلمهم وتزكيهم بتعليمات الله وأوامره.

وقال الله في اختيار آدم
“إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ”. نحن نشأنا من ذرية آدم وليس من ذرية الجاهلية الأولى ..


الخلاصة والعبرة من خلق الإنسان على مرتين ..

أن الله سبحانه وتعالى يعلّم الإنسان أنه إن ترك كتاب الله الذي يعلمه ويطوره ويُزكيه ويجعله كريم على الأرض .. سيتحول الإنسان إلى حيوان ولكن على شكل إنسان أعزكم الله .. فالبشر فالتجربة الأولى لم يعطهم الله كتب سماوية تعلمهم ذلك فعاشوا كحيوانات دون أخلاق وسفكوا الدماء ..
وهذا المغزى ..
وفي التجربة الثانية أنزل الله الكتب السماوية لبني الإنسان والتي فيها العِلم والحكمة والنور والبيان والإرشاد والتوجيه فيجعل الإنسان زكياََ متنوراََ على هدي الأنبياء .. فيحيا الإنسان بقيم ربانية .. ينشر بين الناس قِيم الحُب والسلام والخير والرحمة والتعاون على البر والتقوى ..
دمتم في أتم الصحة والعافية ..
عصام محمود🌷

مقال ذا صلة