المقالات

image

معنى لفظة الإسلام

في بداية حديثي أسأل الله لك أن يشرح صدرك بنوره المبارك
 ويشفي قلبك بما يُحب ويرتضيه لك
،
، هذا المقال أشبه بحديث الصباح او المساء حسب توقيتك في قراءة المقال
 فلعل يُمتعك بطريقة التناول ويألفه قلبك
.


نبدأ الحديث بقاعدة مُحكمة لا تقبل أي تأويل قالها المولى وهي “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” ..
قاعدة مُحكمة مفادها أن الله لا يتقبل منك مع كل نَفَس من أنفاسك ومع كل ثانية تمُر عليك في يومك إلا الإسلام أي التسليم ..
  
أي أن الله يتقبل منك التسليم له لحظياََ مع كل نَفَس تتنفسه ومع كل مَضغَة تمضغها من الطعام ومع كل خطوة تخطوها ..
وهذا هو معنى أن تدين لله بالإسلام
.
 أود أن أقتطع الحديث هنا بتصحيح نظرة خاطئة في معنى الإسلام وهو تحويله لشكل صبغي أو صبغة معينة تختص مجموعة من الناس عمن سواهم،
 فهذا المفهوم خاطئ تماماََ ..
فقال الحق تبارك وتعالى عن رسالاته السماوية “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”
أي أن الله أرسل كل الكتب السماوية للعالمين كافة ولكل البشر ..
 فالإسلام الدِّينُ المُطْلَق للعالمين كلهم من جماد وطيور ودواب وحيوان وهواء وماء وليس فقط للإنسانية وبني الإنسان ..
فالإسلام هو التسليم،
 فكل ذرة في الوجود تخضع لدين الإسلام 💞
 وتُسلِّم أمرها لربها 
💞
والإسلام هو دِينْ أي نظام للوجود كاملاََ 
💞


فالإسلام ليس صبغة تعريفية لمجموعة من الناس بل هو طبيعة نفسية وسلوك نفسي يتسم بالرضا والمرونة والإنفتاح النفسي على كل شيء ..
طبيعة وحالة نفسية يحيا بها الكون والوجود كَتيار متناغم الحركة يسير في اتجاه حميد لأمر الله في ملكوته في التسليم والاستجابة له ،
ويخرج خارج هذا النظام المُسالم الإنسان وحده في حالات محددة ،
 لأن اختباره هو حرية الاختيار..
 إما أن يحيا مُسلِماََ أي يُسلم أمره لربه ويتوكل عليه أو يشطُط ويبتعد ويسعى لتحقيق أمر هوى نفسه أو باللغة العامية الدارجة يتبع المُوود والمزاج(حتى لو مزاجه يخالف أمر ربه في الكتاب).


فالإسلام هو التسليم لله أي الخضوع لأمر الله والتوكل عليه
.
لننظر بحكمة في قول الله تعالى “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ”..
إن كان الدين عند الله الإسلام
وما يرتضيه الله منك في كل ثانية تمُر عليك هو الإسلام
،
لو تأملت في المعنى بعمق لعَرِفت أنك هنا في الأرض لأجل أن تتعلم الإسلام ..
يعني أنت تتعلم الإسلام في كل لحظة تمر عليك بشكل او بآخر
كلنا هنا في الأرض نتعلّم الإسلام...
 في يومك وتعاملاتك وشؤونك وحركاتك وسلوكياتك ليست إلا ٱختبارات لك لتتعلَّم منها الإسلام لله. 

 الإسلام هو التقبل والرضا والسماح بالتناغم والمسير في سلام .
السريان مع الحياة...

  
أحد أسماء الله الحسنى هو اسم الله السلام ومنه اشتُقَّ اسم وكلمة الإسلام..
فٱسم السلام هو من أهم الأسماء الحسنى لأنه من أعظم القيم العُليا التي يحيا بها الإنسان.
 فنرى الكثير يُهاجر من بلادِِ إلى بلاد فقط لأجل أن يحيا في سلام
.. وضرب الله لنا مثلاََ في ذِكر نبيه إبراهيم في القرآن في تعلّم معنى الإسلام:
شاء الله أن يكون اختبار الحياة الدنيا قائم على سِر الاختلاف بين بني الإنسان من تعدد الشِرعات السماوية من قرآن وإنجيل وتوراة...
والكثير من الاختلافات بيننا من لون وعِرق وأجناس وبلاد ولهجات وألسنة مختلفة ولغات...
 وحتى في القضايا الإيمانية وطبيعة التسليم لله فشاء أن يكون هناك مسلمين ومشركين ومنافقين ومؤمنين ومُخلِصين والكثير الكثير من تعدد الاختلافات بين بني الإنسان
..


يمكنك أن تسأل إنساناً ما دينك أو شريعتك؟ ولكن هل فكرت أن تسأل نفس السؤال لسيارة او قِطة؟
فنبي الله إبراهيم لم يَعِ معنى الإسلام لأمر الله بأن الله شاء تعدد الاختلافات هذه في قضية الإيمان...
أراد إبراهيم أن يُعبد في الأرض الله وحده دون عبادة لأي أصنام ...
فٱلتقط فأساََ وذهب إلى أصنام يعبدها الناس في سلام بكامل حريتهم وأخذ ضرباََ وتحطيماََ فيهم لعله يهدي قومه إلى عبادة الله الذي يعرفه هو من منظوره الخاص في شكل معين ،
بالإضافة إلى أن الله لم يأمر إبراهيم بهكذا فِعل بأن يُحطم الأصنام .. بل فعل إبراهيم فِعله دون أن يأمر الله بهكذا فِعل،
فالله لا يأمُرنا إلا بٱحترام أمر ومعتقد كل إنسان "ولا تعتدوا " .
وترك كل إنسان يحيا كما يحب ويعبد ما يُحب،
وأخبرنا الله أن القضايا الإيمانية يفصل فيها الله يوم الحساب بعد الموت .. اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ .
أما في الحياة الدنيا دعانا الله أن نحترم مُعتقد كل إنسان ودِين كل إنسان وهذا هو الإسلام والتسليم،
لا ٱعتداء ..
لا إيذاء ..
ولا سفك دماء ..
بل ٱحترام وحرية وسلام وتسليم وأمن وأمان ونقاش في سلام!


أما إبراهيم لم يتعلّم الإسلام لله عندما حطّم أصنام قومِِ يعبدون الأصنام، فهذا ٱعتداء لم يأمُر به الله،
 فأمْر الله هو ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ “ ...
يعني أنّ الدعوة لله تشترط أن تتعلم أسلوب النقاش والمحاورات السِلمية أولاََ ...
ثم تعلم أسلوب الموعظة الحسنة وهو إعطاء أمثلة تُشعِر الإنسان بالسلام أثناء عرض النِّقاط وتوصِل له المعنى من حديثك أو النقطة الرئيسية التي تود تسليط الضوء عليها ...
 وأكثر ما شددت عليه آيات الله في الدعوة والحديث في القضايا التي تخص الإيمان والدعوة لله هي قيمة السلام والسِّلم ...
وأن يكون أهم هدف قبل الدعوة لله أن يكون هدفك هو حفظ السلام أثناء الحديث وتوصيل رأيك بسلام وبالقول الحسن والتأني في اختيار الأحسن من 
كلماتك...

 

البلاغ...
 أي عليك تبليغ فِكرتك فقط وليس فرضها وللآخر أن يرفض أو يتقبل فله منك كل السلام والأمان دون أن تعارض أو تعتدي عليه في دينه وإيمانه...
 فأمر الله هو “وَلَا تَعْتَدُوا” .
أما نبي الله إبراهيم اتبع أسلوباََ خاطئاََ في الدعوة فأخذ بتحطيم الأصنام وكان منزعجاََ ويريد أن يهدي الناس لعبادة الله وحده دون تقبُّل لأمر الله بأن الله ذاته سبحانه شاء أن يقوم ٱختبار الحياة الدنيا أصلاََ على ٱختلافنا ...
 وإلا فلماذا سيكون هناك ٱختبار أصلاََ !!

فقال الله تبارك وتعالى “إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” قال الله لنبيه إبراهيم حتى نتعلّم نحن أيضاََ  ” أسلِم ” يعني اخضعْ لأمري ومشيئتي في عبادي إني شئت أن تكون هذه الإختلافات موجودة من الأساس ..
 فقال إبراهيم " أسلمت" يعني خضغ لمشيئة وأمر الله ...

وهذا هو الإسلام، أي التسليم والخضوع لأمر الله في مشيئته.


من هنا نتعلّم طرق الدعوة الصحيحة ...
 بأن نحفظ السلام ونُسلّم لله في أمره وأن نجعل الجميع يحيا في سلام ومحبة ..
ونتبادل الأفكار والآراء بكل وِدّ وسلام ..
 وحقٌّ عليك تجاه كل إنسان أن يرى فيك الإسلام والسلام وليس أن تتعدى على حقه في العيش بسلام أو تمس معتقداته بأذى...
 بالإضافة إلى أنه إن كان اختبارنا هنا هو الإسلام فنحن نحيا لكي نتعلم الإسلام لله في كل شؤون حياتنا وتقبل ما نمُّر به في كل ثانية لنسمح لقوانين وإرادة الله لنا بكل خير أن تتجلى .
جعل الله كل أيامك حباََ وسلاماََ ..
عصام محمود 🌹

مقال ذا صلة